عندما تولى هذا الغبي الحكم مقته الناس وكرهوه وتحول مقتل الملك حسين الى دم (كوهرش) في ثدييه فهرب مذعوراً الى دياربكر حيث قدم مفاتيح قلعته الحصينة هدية لأعداء شعبه ووطنه ونظراً لهذا المعروف الذي اسداه طواعياً فقد جعله الملك حاكماً على الرها مع مبلغ سبعمائة ألف آقجة عوضاً عن حصن كيف كما منح أخاه الملك محمد من عائدات حصن كيف مبلغ ثلاثمائة وثلاثين ألف آقجة وأعطيت لأخيه الثاني علي زعامة قدرها مئتا الف آقجة وأصبحت حصن كيف تابعة لدياربكرووضعت تحت سلطة الدولة.
13- الملك محمد بن الملك خليل :
بعد وفاة أخيه الملك سليمان خرجت بلاد الرها من أيديهم إلا أن الأتراك منحوا منطقة (عرب كير) كسنجقية للملك محمد ثم انتزعوها منه أخيراً وجعلوه قائمقاماً في بدليس وفي نهاية المطاف استقر في جزيرة بوتان عند (بدربك البوطب) وزوج ابنته لإبن بدربك المدعو الأمير محمد بك وتوفي هناك بعد أن خلف أحدى عشرة ولداً وهم الملك خلف والملك سلطان حسن والملك أشرف والملك علي والملك سليمان والملك خليل ظاهر والملك عادل والملك محمود والملك حسن والملك أحمد. توفي خلف في ريعان شبابه بعد أن خلف ولداً يدعى حمزة ولم يخلف سليمان وظاهر والحسن أولاداً وماتوا دون ذرية وأصبح الحسين قائمقاماً والباقون كلهم حطوا الرحال عند أمراء كردستان.
14-الملك سلطان حسين بن الملك خليل :
بعد فترة استقال من منصبه كقائمقام ويهيم اليوم أي في عام 1005هجري في بطاح كردستان ينفق على نفسه من الأوقاف التي تعود الى عهد أبيه ويقول شرف خان كان هذا الرجل يعيش بهذا الشكل حتى السنة المذكورة اي سنة 1005هجري
الدولة الكردية- الزندية
عندما قتل الملك الإيراني نادر شاه وقعت بلاد إيران في دوامة من الفوضى والإضطراب وتطلع الحكام نحو الملكية والحكم وبدأ الصراع على السلطة. أحمد خان في خراسان ومحمد حسين القاجاري في استراباد ومازندران واسد الأفغاني في أذربيجان وهدايت خان في كيلان وهراقليس في كرجستان وكريم خان الزندي الكردي في جلفا ويقول المؤرخون أن كريم خان وعلي مرادخان كلاهما كرديان وقد حلفا لبعضهما في البداية على أن يأتيا بواحد من أولاد نادر شاه ويعلناه ملكاً وليصبح بعد ذلك علي مرادخان وزيراً وكريم خان قائداً للجيش ويقول البعض أن على مراد خان كان مسناً وبدون خلفة ولهذا كان كريم خان يريد أن يجعله ملكاً ليخلفه بعد مماته وبعد استلاء علي مرادخان على اصفهان بدأ باضطهاد الناس وظلمهم مما أثار غضب حليفه كريم خان وعلى الرغم من أن الأخير لم يكن من عائلة الخانات أو من عائلة كبيرة فقد كان الناس يحبونه ويقدرونه ومعظمهم كانوا من أنصاره ومؤيديه ويقول محمد أمين زكي بك في الكنار العدد الأول أن الناس في منطقة (خوي) يقولون في حكاياتهم أن كريم خان كان ابناً لصعلوك وقاطع طريق سفاح يدعى(إماك) وحتى اليوم لم يتم التعرف على اسم جده وفي تطور لاحق أمر علي مرادخان بقتل والي أصفهان فانتاب كريم خان القلق وساورته الشكوك وتملكه الذعر وقال في نفسه حتى إذا كان علي مرادخان لايريد قتلي بنفسه فإنه وبدون شك سيحاول ذلك بيد الغير ولم يمض وقت طويل حتى اندلعت الحرب بين الكرد حليفي الأمس فقتل علي مرادخان في ميدان المعركة بيد القائد محمد خان وفي عام 1160هجري أصبح كريم خان ملكاً على جنوبي إيران بدون منازع ولكنه لم يرض أن ينام مستلقياً ووراء ظهره عدو قوي ولدود كمحمد حسين خان القاجاري يتربع على عرش التاريخ والمجد في بلاد إيران كما كان كريم خان يريد التخلص من أعادائه واحداً بعد الآخر فجمع جيشاً من عشائر الكرد والعرب والتركمان ليكون على استعداد لقطع الطريق على كل من تسول له نفسه المساس بأمن البلاد واستقراره وعلينا أن نشيربأن سكان المدن والعرب والتركمان كلهم كانوا من مؤيديه ومحبيه.
1- كريم خان الزند الكردي :
يعتبر كريم خان مؤسس هذه الدولة وعظيمها فعندما قتل علي مرادخان اللوري الكردي لم يبق أمامه من ينافسه فتوجه لمحاربة أسدخان الأفغاني ومحمد حسين القاجاري وفي الطريق هاجم بلاد أذربيجان التي كانت خاضعة لأسدخان والتقى الجيشان الكبيران عند بحيرة قزوين وعند بدء المعركة لاحت بوادر الهزيمة على جيش كريم خان وتشتت شمله ووصل بصعوبة بالغة الى الجبال الموجودة بين الخليج وبلاد فارس وتحصن فيها وفي هذه الأثناء قدم له رستم سلطان الذي كان حاكماً على قرية(خشت)الصغيرة مساعدة كبيرة لأن قريته كانت تقع في سفح جبل يشرف على نهر (الكرمسير) ومن دربند الكوماريج هاجم عدوه أسدخان بعدما جمع شتات جيشهوتمكن من تحقيق نصر ساحق عليه فولى هارباً لايطلب سوى النجاة بنفسه وبذلك انتصر كريم خان على عدوه وأدخل في قلبه الرعب ولم يكتف كريم خان بهزيمة جيش العدو بل عمد الى مطاردته وسيطر على مدينة شيراز فهرب أسدخان الى بغداد ومن هناك الى كرجستان وأخيراً ألقى بنفسه أمام أقدام كريم خان عدوه اللدود واستقر لديه فأكرمه الملك الكردي واصبحا صديقين وحليفين ولكن هناك العدو الألد وهو محمد حسين خان القاجاري زعيم عشيرة قاجار التركية وكان تيمورخان قد جلب معه هذه العشيرة من سورية التي كانت تشكل جزءاً من جيوش حلفاء الشاه اسماعيل الصفوي.
وبعد هروب أسدخان أخضع محمد حسين خان القاجاري أذربيجان لحكمه واستعد لمحاربة كريم خان فسار بجيش كبير الى أصفهان عندئذ ترك كريم خان المدينة وعاد الى عاصمته شيراز وفي عملية مطاردة سريعة أرسل محمد حسين خان ثمان وثلاثون ألفاً من الجنود الى شيراز وترك ثمانية آلاف في أصفهان فقاومه أهالي شيراز مقاومة بطولية فلجأ علي خان زند الى مهاجمة العدو من الخلف كما خرج جيش كريم خان من المدينة والتقى بجيش محمد حسين خان الذي تراجع مرغماً الى أصفهان وترك بعض الجنود يحيطون بالمدينة ولكن توزع جنوده في بيوتهم سريعاً ولم يستطع جيش محمد حسين خان البقاء في أصفهان وولى نحو مازندران هارباً وفي سنة 117هجري هاجم كريم خان مدينة أصفهان وتمكن من دخولها دون قتال يذكر فاستقبله أهلها بالترحاب والفرح ثم أرسل جيشاً كبيراً بقيادة علي خان زند الى مازندران وحتى يتسنى له التغلب بسهولة على عدوه لجأ الى الحيلة للإيقاع بين العائلتين القاجاريتين المتنافستين على الدوام على زعامة العشيرة وتمكن من استحالة الطرف المنافس لمحمد حسين خان إليه وبدأ يحرك العداوات ضده وفي هذه الفترة كانت عشيرة قاجار قد انقسمت الى ثلاثة أقسام قسم سكن منطقة كنجة وآخر في منطقة مروة وثالث في منطقة استراباد وكان منافس محمد حسين خان من عشيرة قاجار يدعى هو أيضاً محمد حسين خان وكان زعيماً لعشيرة بوخواري قاجاري أو باخاري باشي الذي تحالف مع علي خان زند وعند بدء المعركة نزل محمد حسين خان الى ميدان المعركة بقلب من حديد ولكنه لم يصمد طويلاً وانهزم بسرعة فوقعت مازندران بيد علي خانكما أسر محمد حسين خان وأودع السجن في شيراز وبعد هذه الإنتصارات دخلت أذربيجان في ايدي كريم خان ولكن سرعان ما سيطر عليها عدوه فتاح على خان الأفشاري الكردي الذي سار بجيشه لقتال كريم خان ووقعت الحرب بين الطرفين في جنوبي مدينة تبريز (توريز) في منطقة (قره جيمن) وعند بدء القتال هرب فتاح علي خان إلى أورمية وفي سنة 1173هجري استسلم لكريم خان فأحسن وفادته وأكرمه ولم يلبث أن تآمر عليه فتاح خان مع بعض قادة جنده لقتله وعندما شعر كريم خان بخطورة الوضع بادر الى قتل فتاح خان وبدأ بذلك عهد من الفوضى والإضطراب في جنوبي إيران ولكن تمكن كريم خان من القضاء على هذه الإضطرابات واستتب الأمن من جديد وذهب أخوه زكي خان الى عشائر اللور يستنهضهم ضد كريم خان فلم يستجب له أحد فرجع الى أخيه مستسلماً فأكرمه غاية الإكرام وأرسله على رأس جيش كبير الى منطقة (دامغان) لقتال قولي خان القاجاري فتمكن زكي خان من الإنتصار عليه بسرعة وسهولة فهرب هذا مرغماً الى التركمان واختبأ عندهم وبهذا الشكل أيضاً تم القضاء على العديد من الثورات على يد زكي خان وبذلك حول هذا القائد إيران الى خاتم سهل الحركة في اصبع كريم خان الذي حكم مدة ثلاثين عاماً ولم يلقب نفسه بالملك على الرغم من سطوته بل ابقى على الشاه اسماعيل بن اخت الشاه حسين الصفوي ملكاً وأسكنه في شيراز ودأب هو على تسمية نفسه بقائد جيش الملك وناظر أعماله.