الأكراد في غالبيتهم مسلمون والأكثرية منهم سنيون وفي كل سنة يحج بالآلاف منهم الى مكة ويصرفون الذهب والمال بالآلاف أيضاً في هذا الطريق. وفي كل قرية على الأقل هناك مسجد وله إمام (ملا) يقوم القرويون بإحكامه هو وتلامذته (فقه) أوالفقهاء ويعطون الزكاة من كل عشرة واحد من مالهم للفقراء والمساكين ويجتمعون في كل يوم خمس مرات في المسجد لأداء الصلوات الخمس المفروضة كما يحضرون الخطبة في كل يوم جمعة وإلقائها تكون باللغة العربية وأغلبهم لايفهمون معانيها ومايردده (الملا)أو الشيخ ويلجؤن الى خفض رؤوسهم والبكاء أحياناً ويستغرقون في التأمل والتفكير لأنهم يعرفون مسبقاً إن مايردده الملا هو من كلام الله ورسوله وفي كل مكان تصادف مشايخ وهم يعتمدون على الناس في معيشتهم ويجمعون منهم الهدايا والتبرعات وهؤلاء الناس يفقرون باستمرار ومنهم الصوفي والمريدون الذين لايقدمون على أي أمر هام إلا بإرادة الشيخ وكلهم رجالاً ونساء يتسارعون لخدمته ويطأطؤن رؤوسهم عند استقبالهم له وإذا تيسر لهم ذلك قبلوا يديه أيضاً وهم يركعون أمام الشيخ ويضعون يديهم الواحدة فوق الأخرى كدلالة على الاحترام والتقدير ويتمتعون عن الكلام في حضرته ويسود الصمت حتى يأذن لهم الشيخ بالكلام والجلوس على ركبهم.ويسكن الشيخ في البنايات والقصور الفخمة والقرويون يجتمعون أمام بيته ويستغرقون في ذكر الله وتسبيحه وتعلو أصواتهم بكلمات (هاي هاي) أو يجلسون بمحاذاة جدران مساكن الشيخ في حر الشمس وبرد الشتاء وهم حفاة عراة فقراء ومساكين يقومون بكل الأعمال التي يكلفهم الشيخ بها دون مقابل ولا يبتغون إلا مرضاة الله ثم الشيخ وفي كثير من الأحيان يعتقدون بأن للشيخ صفة إلهية وهو قادر على انقاذهم يوم العقاب والثواب ويوم يحشر الناس ضخى الى أرض الشام وسيفتح لهم أبواب الجنة مع الإعتقاد بأن الشيخ يعرف كل شيء وقادر على كل شيء .ومنذ فترة غير بعيدة كانت تلحق بكل مسجد مدرسة أو حجرة لتعليم أطفال الأكراد القراءة والكتابة باللغة العربية وكان البعض من هؤلاء القرويين يشتهرون بالكرم والجود ويغدقون على العلماء من رجال الدين وكانت مواضيع الدراسة بالإضافة الى القراءة والكتابة تشمل النحو والصرف والمنطق والبيان والفلسفة والشعر والفلك والحساب والهندسة والحديث والتفسير وكان التلاميذة يسمون بالفقهاء(فقه) ولكن نظراً لتدني مستوى المعرفة لدى بعض الملالي وعدم المامهم ببعض العلوم بشكل جيد ونظراً لصعوبتها وعدم امكانهم فهمها لتلامذتهم فقد تخلوا عن تدريسها مثل الحساب والهندسة والفلك كما حاربوا المنطق بقولهم(إنه من عمل الكفار)وقالوا كل من يدرس المنطق ويلم به فهو زنديق ملحد وكان التلاميذ من المتنورين.هذا وقد قضى التصوف الديني على تطلعات الكثيرين من الأشخاص المبرزين والمجدين وفتوجه هؤلاء الملالي والشيوخ نحو محاربة الشعب الكردي والتقرير به ومنعه من الإتصال بالحضارة الإنسانية وأولغوا أفواههم في كدح وشقاء هؤلاء المساكين.
في كل يوم يؤذن الشيخ في مكان عال خمس مرات في اليوم يدعو الى الصلاة في المسجد باللغة العربية والنكاح أو القران يعقد بالعربية والتلقين على الأموات بالعربية وكذلك الدراسة والكتابة والصلاة والصيام كلها باللغة العربية. هذا وعلى الرغم من كل المحن والمآسي فإن الخنجر والحرب والمقاومة البطولية من فوق قمم الجبال وحدها منعت الكرد من التحول الى عرب وكان الشيوخ والملالي أيضاً يتدخلون مثل الآغوات في الصراعات العشائرية والقبلية ويحاربون بعضهم البعض مرة يتهمون بعضهم بالكفر والإلحاد وأخرى يتقاتلون ويتذابحون ولم يكن يهاجمون بعضهم في ميادين المعارك بل كان آداتهم هم الفلاحين والقروين البسطاء الأميون الجهلة فكانوا وقوداً لمعارك الشيوخ والآغوات وكان هذان الأخيران يبنيان أمجادهما على دماء هؤلاء المساكين الذين يقدمون بعضهم الآخر قرابين للشيخ ويذبحون على روحه وإذا كان الملالي لايهاجمون بعضهم كالآغوات والبكاوات في الحرب ولكنهم كانوا يسيؤن الى سمعة بعضهم ويمرغونها في التراب.وإذا كان الأكراد بسطاء وجهلة وفقراء الى هذا الحد فكان الأجدر بهؤلاء العلماء والمتنورين أن يخافوا الله ويتمنعوا عن إيذاء هذا الشعب بل كان عليهم أن يأخذوا بيده الى حيث النور والمعرفة والإنسانية وقد أكل أصحاب البروج والإيوانات والسرايا العالية من أتعاب وشقاء هؤلاء الفلاحين التعساء وكانوا يسرقونهم جهدهم وكدحهم ويسكتونهم بوعودهم بجنات عدن يخلدون فيها وهو عزاؤهم الوحيد في هذه الدنيا لأنهم وكما يقول الشيوخ عن أنفسهم أصحاب وأدلاء شريعة الله ورسوله في الأرض وفي الحقيقة تلزم لسرد الروايات والأعمال التي ارتكبتها هذه الصفوة من الشيوخ والآغوات بحق هذا الشعب كتاباً كاملاً وخاصاً بذلك.
الصوم: في شهر رمضان وعلى مدى ثلاثين يوماً يمتنع المسلمون عن الطعام والشراب والجماع الى أن يحين الليل عندئذ يفطرون ويأكلون العشاء وما بعده ويقضون الليل أغلبه بصلاة التراويح وبعد افطار آخر يوم من الشهر يوزعون مقدار حفنة من الحنطة عن كل فرد من أفراد العائلة للفقراء والمساكين ويجب أن توزع هذه الحنطة قبل يوم العيد ولكن في الأونة الأخيرة فإن الشيوخ اعتبروها من حقوقهم والقليل منها يذهب الى المحتاجين والمستحقين وتسمى زكاة الفطر .
أعياد المسلمين :
1- عيدالفطر (عيد رمضان): وكما نعلم وكما نعلم فإن العيد يأتي بعد انتهاء شهر رمضان أو بعد ثلاثين يوماً من الصيام ويؤيد العيد برؤية الهلال فإذا شاهدوا هلال شهر شوال يكون يوم الغد هو العيد وفي العيد يتصافح الأهل والأصدقاء والجيران ويصافحون الشيخ ويأكلون أطايب الطعام في بيوتهم أوبيوت المسلمين ويتبادلون التحية والتهاني ويقبلون وجوه وأيادي بعضهم ويدور الصبيان في الحارات ويلتقطون الحلوى من البيوت كما يعقد الناس حلقات الدبكة والرقص ويلعب الأطفال ويتنكرون بوضع الأقنعة على وجوههم وفي هذا اليوم كل واحد يريد أن يمسح خطاياه وذنوبه بالتضرع الى الله وتمجيده وفي يوم العيد وبعد شروق الشمس يصعد الشيخ المنبر في المسجد ويلقي خطبة العيد والقرويون صامتوت خافضوا الرؤوس يبتهلون الى الله في سرهم ويدعون ربهم أن ينتشلهم من خطاياهم ويبارك لهم في دنياهم ويصلون صلواتاً طويلة كله تضرع ودعاء الى خالق الكون وبارئه ويبكون ويتمنون الخير والصحة والسعادة لهم ولمجتمعهم ولكل المسلمين.
2- عيد الأضحى (عيد الحجاج): في هذا اليوم يطوف الحجاج حول الحجر الأسود في الكعبة ويسعون بين الصفاء والمروة مهرولين عراة إلا مايستر مابين الركبة والسرة ولكن النساء مكسوات حسب الشرع وتضامناً مع الحجاج المسلمون بهذا اليوم ويذبحون الذبائح ويأكلون منها ويوزعون الباقي للفقراء والمحتاجين ويرقصون ويدبكون وماعدا هذين العيدين الدينيين فإن للأكراد أعياداً أخرى ومناسبات فرح في الربيع والخريف وأهمها عيد نيروز ويصادف رأس السنة الكردية .كما يحتفلون بزواج أبنائهم أو ولادة طفل أو طهور أو خروج أحد الأعزاء من السجن أو تسريح من الجيش .وفي هذه المناسبات السعيدة دائماً هناك الرقص والغناء والطعام والشراب والإستماع الى الموسيقى الصلخبة تشارك فيها الطبول والمزامير (زرنه) ويبتعد الناس في مثل هذه الأيام عن مواعظ الشيوخ وينسونها.