وكما أسلفنا القول فقد نقل علي مرادخان عاصمته الى أصفهان وأرسل ابنه لقتال محمد آغا القاجاري فتغلب عليه وهرب القاجاري الى استراباد ولكن أرسل ويس خان جيشاً كبيراً الى المدينة بقيادة محمد ظاهر خان الذي قتل في ميدان المعركة وأصاب التشتت جيشه فهرب ويس خان من مازندران الى طهران ودخل بين جنوده والده عام 1199هجري وفي تلك الأثناء مرض شاه إيران علي مراد خان وعلى الرغم من مرضه فقد كان يستعد لقتال عدوه.
وفي هذه الأثناء جاءته أخبار غير سارة تفيد بأن جعفر خان بن صادق خان قد ثار في أصفهان يطالب بالملكية فسار إليه بجيشه رغم مرضه واندلع القتال بين الطرفين وبذلك ترك الساحة خالية لمحمد آغاخان القاجاري ولم يصغ علي مرادخان لنصائح أطبائه فتوحه لقتال جعفر خان ولكنه توفي في منتصف الطريق وتمدد تحت الثرى هامداً في سنة 1785م.وكان علي مراد خان هذا رجلاً شجاعاً ذكياً وعطوفاً معتداً بنفسه سخياً كما كان أحولاً فلقبه آغا محمد بالأعور وكان يقول إذا لم يمت هذا الأعور فلن نستطيع أن نفعل مانريد.
6- جعفر خان بن صادق خان :
بعد وفاة علي مرادخان دخل جعفر خان مدينة أصفهان وعزل واليها المعين من قبل علي مرادخان وبلإحضاره أويس خان وفقأ عينيه تزعزعت الدولة الكردية وتخلخلت أركانها وكانت فرصة سانحة لآغاخان القاجاري لضرب الأكراد وتحطيمهم وقتلهم وفقأ عيونهم فسادت فترة من الفوضى والإضطراب بين أكراد المملها سندة مما اثار سخط الناس ونقمتهم على الأوضاع المزرية وطلبوا من الله أن يخلصهم من هذه العائلة المهلهلة فكانوا ينتظرون من يخلصهموينقذهم من هذه المصائب والويلات التي ابتليت بها بلاد إيران. في هذه الأثناء خرج محمد آغا القاجاري ومعه ثلاثمائة فارس من مازندران وفي الطرق انضم إليه الكثير من الجنود وتوجه بقلب من حديد نحو أصفهان ودخلها عام 1788م وكان جعفر خان قد خرج من المدينة قبل وصول جيش العدو إليها ووصل الى شيراز بعدما عين حليفه الحاج ابراهيم حاكماً على فارس وفي هذه المرة لم يستقر آغا محمد خان في اصفهان بل توجه نحو شيراز وفي الطريق وقعت بعض المعارك بينه وبين عشائر لورستان فعاد أدراجه الى طهران- الري مرغماً وتمكن جعفرخان من إعادة سيطرته مرة أخرى على أصفهان وظفر برحيم خان وقتله ثم تراجع ثانية نحو الخلف فوقعت أصفهان مرة أخرى بيد عدوه وللمرة الأخيرة أيضاً لم يستقر في أصفهان فتوجه نحو شيراز وفي هذه الأثناء وقعت لجعفرخان حوادث كبيرة وأهمها حادثة (همدان) فقد تمرد عليه داليه الذي استطاع أن يلحق بجيشه هزيمة ماحقة وأخرج مدينة (يزد) من سيطرته وهنا حالف الحظ جعفرخان حيث أخضع ابنه لطوف خان بلاد لار(لارستان) عندئذ بادر الى ارسال جيشه مرة أخرى الى اصفهان وأخضعها لحكمه ولكنه تركها للعدو من جديد وعاد الى شيراز وقد استطاع جعفرخان وبمساعدة وزيره ميرزا حسين خان من أن يكسب ود الناس وعطفهم ومحبتهم وكانوا لايزالون يكنون له الود والإحترام وهنا اندلعت لهيب ثورة حامية في كاشان وامتد لهيبها يوماً بعد يوم الى مناطق أخرى بقيادة عرب محمد حسين خان ولكن تمكن علي قولي خان الكازروني قائد جيش جعفرخان من اعتقال عرب حسين خان مع ألف وخمسمائة شخص بعد أن أعطاهم العهود والأمان وجاء بهم الى شيراز ولكن لم يأبه جعفر خان لعهود قائده وأودع هؤلاء السجن وإزاء هذا فقد اعتزل القائد الحاج علي قولي خان في بيته غاضباً من سيده ولم يكتف جعفخان بذلك بل أرسل جيشاً الى قائده مرغماً الى شيراز وأدخله السجن ومن زنزانته استطاع الحاج قولي أن يدير مؤامرة ضد سيده فكثر أنصاره ومؤيديه وتطلعوا جميعاً لمقتل جعفرخان ونجحت مؤامرتهم بفضل مساعدة الوزير القديم سيد مرادخان الذي كانت له أياد بيضاء على جعفرخان وقد أدخله هذا الأخير السجن بدون سبب يذكر فتمكنوا من وضع المخدر (الأفيون) في طعامه وعندما فقد وعيه هجموا عليه وقتلوه في سنة 1789م وقطعوا راسه وطافوا به شوارع المدينة بعد سيطرتهم عليها.
7- لطوف علي خان بن جعفرخان بن صادق خان:
كان حاكماً على كرمان من قبل أبيه وعندما قتل والده أعلن(سيدخان) زعيم الحركة الثورة نفسه ملكاً على إيران ومنذ البداية فقد نصح شيخ بلدة (أبي شهر)ابنة الشيخ ناصر بشد أزر لطوف خان فأرسل الشيخ ناصر جيشاً صغيراً الى شيراز ولكنه تراجع أمام جيش حاجي هاشم أخي سيدخان عندئذ أرسل الأخير جيشاً بقيادة(حاجي ابراهيم)(1) لقتال لطوف خان ولكن انحاز هذا القائد الكبير الى لطوف خان وسارا معاً الى شيراز وسيطرا عليها فتحصن سيدخان وحلفائه في القلعة ولكنهم استسلموا فيما بعد فأعدم لطوف عدوه اللدود سيدخان وأطلق سراح حاجي علي قولي خان بناء على توسلات حليفه حاجي ابراهيم ثم أحسن إليه وأكرمه وعلى الرغم من أن لطوف علي خان أصبح ملكاً وهو في ريعان شبابه إذ كان عمره لايتجاوز العشرين ربيعاً إلا أنه لم يكن كفؤاً لحمل أعباء الحكم المرهقة وفي هذه الأثناء هاجم محمد آغاخان القاجاري مدينة شيراز فخرج لطوف خان لملاقاته ولكنه هزم عند بدء المعركة وتراجع الى شيراز وتحصن فيها وبعد شهرين من الحصار انسحب محمد آغاخان نحو طهران وتمكن بذلك لطوف خان من لملمة نفسه وتجهيز جيشه واستعد لحرب حاسمة وطويلة الأمد في هذه الأثناء كان محمد آغاخان يحارب أعداءه في أذربيجان فكان لطوف خان ينتظر قدومه بفارغ الصبر ليلقنه درساً لن ينساه ثم بادر الى شن هجوم صاعق على مدينة كرمان.
توتر العلاقات بين لطوف خان ووزيره :
كان الميرزا مهدي محاسباً في جيش جعفرخان وقد اتهم بسرقة بعض الأموال فعمد جعفر الى قطع أذنيه كما كان لميرزا مهدي دور في مقتل جعفرخان ومن المتآمرين عليه وعندما اعتلى لطوف العرش وأخضع شيراز عنوة كان يتطلع الى قتل الميرزا مهدي ولكن قتل هذا الأخير كان ثقيلاً على الوزير الشجاع الذي كان له أياد بيضاء على سيده علي لطوف خان ونزولاً عند رغبته لم يقتل الميرزا مهدي وبدلاً من ذلك أغدق عليه الأوسمة والنياشين فاستثار بذلك حفيظة والدته التي عاتبت ابنها على ذلك قائلة له ( أليس من المعيب حقاً أن تعلق النياشين برجل تلطخت يداه بدم والدك) فأثرت هذه الكلمات كثيراً في لطوف خان وأمر بقتل الميرزا مهدي وإحراقه وعندما سمع وزيره حاجي ابراهيم بذلك تملكه الخوف والذعر وخاف على نفسه من بطش سيده وأراد أن يحمي نفسه من مفاجآت القدر ففكر بالتخلص من لطوف خان وانهاء حكم الملك الكردي ولم يكن يساوره أدنى شك في أن سيده يحاول التخلص منه أيضاً وقد روى الوزير بنفسه هذه الحادثة للسير مالكو لم ويبدو من المشاكل التي لازمت ملوك الأكراد وأوضاعهم المضطربة أن نهاية دولتهم قد قربت الآن ولايستلزم سوى أن يقوم أحد الوزراء أو القادة العسكريين ليمسك بزمام الأمور في هذه الدولة بيده أويسلمها لشخص آخر كواجهة ويتحكم هو بمصير البلاد والعباد لأن الجسم متى ما أصابه الوهن والضعف يصبح مرتعاً للجراثيم الممرضة التي تنغث فيه سمومها وذيغاناتها فتضعف مقاومته ويصبح بحاجة الى رعاية الغير له والدولة الأيوبية والمروانية والروادية(الديسمية) كلها وقعت في أيدي وزرائها الناكرين للجميل بعد أن أصبحت العوبة في ايديهم فتخلخلت أركانها وتداعت الى السقوط والإنهيار.هذا وكان الوزير الغدار يرنو ببصره الى اليوم الذي يقضي فيه على هذه العائلة الكردية وبدأت رائحة الملكية تزكم انفه ووجد بثاقب نظره أن هذه الدولة بدأت تخطو أولى خطواتها نحو التداعي والإنهيار فلماذا لايكون هو لابس تاجها ووريث ملوكها. وتلاحقت الأحداث سراعاً إذ لم تمض فترة قصيرة حتى هاجم لطوف علي خان مدينة أصفهان بجيش كبير وقبل أن يبدأ المسير عين شخصاً(1) من اسرة الزند قائداً لجيش شيراز كما أسند حامية القلعة الى أحدهم وهنا سيطر الوزير حاجي إبراهيم على العاصمة شيراز في الوقت الذي لم يبتعد عنها لطوف خان كثيراً بجيشه واحتل الوزير القلعة بسهولة وقبض على أصحاب وأقارب الملك كاسرى ثم عين أخاه محمد حسين خان قائداً للجيش وأرسل الى أخيه الآخر الذي كان جندياً في جيش لطوف خان يخبره بما حصل وعندما اقترب جيش محمد آغاخان القاجاري بقيادة ابن اخته(باباخان) على بعد عشرين فرسخاً من جيش (2) لطوف خان عمد أخ الوزير المتمرد الى مهاجمة الملك مع ثلة من جنوده ليلاً وهم يصرخون بأعلى أصواتهم ويتصايحون عندئذ أدرك الملك أن جيشه قد أنقسم وتحول الى صف العدو فركب جواده وتمكن من الهرب مع أخص أصحابه ( طهماسب قولي خان فيلي اللوري) وسبعين من فرسانه المخلصين وبذلك أنقذ نفسه من مؤامرة دنيئة كادت أن تودي بحياته وعرشه.وفي سنة 1791م توجه نحو شيراز وهو لايدري بما حدث فيها وفي الطريق علم بالخبر وكان قد تجمع لديه ثلاثمائة من فرسانه وعندما وصل الى شيراز أرسل الى الوزير يسأله ماذا يبغي من وراء عمله هذا فرد عليه الوزير المتفطرس(لاأريد سوى عزله عن الحكم وخير له أن ينفذ بجلده قبل فوات الأوان) فلم يرضخ الملك لشروطه ودارت بينهما الحرب ولما وجد الوزير المتمرد حاجي ابراهيم أن جيش عدوه يكبر باستمرار لجأ الى الحيلة حيث القى على مسامع جنود لطوف خان أن من يقاتل مع هذا الرجل فسألجأ الى قتل نساءه وأطفاله وعائلته ومن يهرب إلي فهو آمن) وبهذا القول هرب معظم جنود لطوف خان ودخلوا المدينة ولم يبق معه سوى القليل فتراجع لطوف نحو بوشهر ولكن بما أن شيخ مدينة بوشهر نفسه أصبح من اتباع حاجي ابراهيم فلم يقبل بدخوله الى المدينة ولم يعرض عليه حمايته فالتجأ الملك مرغماً الى حاكم (بندرريك)الذي أكرم وفادته وأعزه وجمع له جيشاً ثم سار معه على عدوه ففوجيء لطوف خان بجيش شيخ بوشهر يسد عليه الطريق ولكنه استطاع الإنتصار على هذا الجيش حيث أبدى شجاعة فائقة وأثناء المعركة انضم إليه القائد (قولي رضا خان)(2) فهاجما معاً مدينة (كازرون) وتمكنا من السيطرة عليها وفقاً الملك عيون حاكمها(حاجي علي خان) ولهذا فقد هجره كثير من عساكره واصدقائه وتوزعوا في بيوتهم وعندما أعاد الهجوم على شيراز قاومه حاجي ابراهيم مقاومة بطولية وطلب في الوقت نفسه النجدة من محمد آقاخان القاجاري فوصلته النجدات في اللحظة المناسبة ولكن لطوف خان تمكن من إلحاق الهزيمة تلو الأخرى بالجيش القاجاري في سلسلة من المعارك الحاسمة ولم ييأس محمد آقاخان فأرسل جيشاً آخر الى شيراز بقيادة (جان محمد خان) و(رضاقولي خان) وعلى الرغم من قلة عدد جيش لطوف خان فقد انتصر على أعدائه بتكتيكات حربية بارعة واسر قائد الجيش القاجاري رضا قولي خان من قبل الجيش الكردي وقد ألقت هذه الإنتصارات الرعب في قلب الوزير حاجي ابراهيم وفقد الأمل باعتلاء العرش فبادر الى تقديم بلاده على طبق من ذهب الى آقا محمد خان القاجاري وعلى مبدأ قول الأطفال (لالي ولا لك وإنما للإله الذي فوقنا) وماذا كان يريد محمد آقاخان غير هذا فقد وجد عرشاً خالياً وملكاً لاصاحب له فتوجه مع ثلاثين ألفاً من الفرسان الأشداء نحو شيراز عاصمة الدولة الكردية الزندية وهو يقول هذه هي المرة الأخيرة التي سيجلس فيها أحدنا مكان الآخر والملكية ستكون لأحدنا إما أنا أو لطوف خان ولاغير ذلك وعندما وصل جيش محمد آقاخان الى قرية (ميان)بادر لطوف الى الهجوم عليه بقليل من القوات واعتمد على عنصر المباغتة مما أدى الى نجاح الخطة وتضعضع الجيش القاجاري الذي الحق به عار الهزيمة ووقعت غنائم كثيرة بيد جيش لطوف خان كما قتل إبراهيم القاجاري وتشتت شمل جيشه وأثقلت الغنائم كواهل جنود لطوف مما أعاقته عن مطاردة محمد آقاخان القاجاري وظناً منه أن آقاجان ليس في وضع يؤهله للدخول في ميادين المعارك مرة أخرى وأنه انهزم الى البد وسف لن تقوم له قائمة بعد ذلك وفي هذه اللحظة أقنع أحد قادة لطوف خان سيده بأنه من غير المناسب أن ينهب جنودنا خزائن الأمة الكردية ونقوم بمطاردة آقاخان ولكن يظهر أن كل ذلك كان سراباً انخدع به لطوف خان فلم يبادر الى مطاردة عدوه ليكسر شوكته وينهيه كمنافس خطير له وقد أدرك هذا في التباشير الأولى من الصباح وعلى أصوات نداءات الحرب التي انطلقت من معسكر عدوه ولكن بعد فوات الأوان حيث ظهر له أن التاج والدولة قد ضاعتا منه في ساعات من الغفلة القاتلة وفقد الأمل بلبس تاج إيران مرة أخرى ففضل الفرار على الموت وهرب مع عدد من فرسانه الى مدينة كومان وهناك جمع جيشه من جديد عندئذ سار محمد آقاخان بنفسه الى شيراز وأرسل قسم من جيشه الى كرمان وعندما سمع جنود لطوف خان بقدوم الجيش القاجاري بدأوا بموجة من السلب والنهب وتفرقوا أيدي سبأ فتوجه لطوف خان نحو خراسان ووصلها في سنة 1207 وقد أكرمه الأمير حسين حاكم مدينة (توبوس) وأعانه على عدوه وسار معه مع مائة من فرسانه الى مدينة (يزد) فاعترض طريقهم جيش حاكم المدينة ولكن تمكن لطوف خان من دحر هؤلاء ووصل الى مدينة(أبركوه) واستولى عليها وجعلها مقراً لجنده واستقر هو فيها أيضاً ولم يمض وقت طويل حتى تجمع لديه الف وخمسمائة فارس فتوجه بهم سنة 1208 الى مدينة (دار بجرد) وعندما سمع محمد آقاخان (شاه إيران) وحاجي ابراهيم بقدوم جيش لطوف عمدا الى إرسال جيشين من طهران وشيراز وأرغماه على الخروج من دارابجرد فتوجه لطوف خان نحو قرية( الرونيز) حيث تحصن فيها وبعد مدة خرج منها أيضاً متوجهاً نحو قرية(توبوس) وهنا بادره صديقه وحليفه القول أنا لم أعد قادراً أن أفعل لك شيئاً والأفضل هو أن تذهب الى (تيمورخان) ملك أفغانستان وهو الوحيد القادر على إرجاعك الى عرشك ولكن من سوء حظ هذا الرجل أن يسمع وهو في الطريق خبر وفاة تيمورخان فتجمد في مكانه دون حراك وراودته الشكوك وتملكه الخوف والبأس ولم يعد يتقدم وبينما هو على هذه الحال إذ جاءته رسالة مشتركة من حاكمين لمنطقة (ترمانشير) يقولان فيها نحن (محمد خان) و(جهان كيرخان) نريدك أن تحل علينا ضيفاً عزيزاً مكرماً وسنبذل في سبيلك الغالي والرخيص المال والدم.فكانت هذه الرسالة فاتحة خير له وساهمت في رفع معنوياته وشعر بالأمل يخطو نحوه وانشرح صدره وما كاد يصل الى ترمانشير حتى اجتمع حوله رهط من الفرسان الأشداء فقادهم نحو كرمان وبعد معارك دموية حامية استطاع جيش الملك الكردي دخول المدينة من فوق أسوارها فخاف حراس السور وتركوا مواقعهم وتحصنوا في قلعة المدينة كما لاذ قائد جيش كرمان بالفرار طالباً لنفسه النجاة وهو يرتعد رعباً فوقع الكثير من الغنائم بيد لطوف خان وقتل الكثيرين من أعدائه ومرة أخرى عاد لطوف خان ملكاً على إيران وسك النقود باسمه وقرئت خطبة الجمعة باسمه أيضاً ةتنفس الصعداء من جديد وعندما سمع محمد آقاخان بذلك سار في سنة 1210هجري على راس جيش كبير الى كرمان إلا أن لطوف خان تمكن من شل حركة القائد (علي شاه) عند أسوار المدينة ودامت الحرب بينهما شهراً كاملاً وبقي لطوف خان صامداً وهنا خانه بعض قواد جيشه نظراً للتململ الذي نشأ بين الجنود بسبب الحصار الطويل وسلموا بعض أبراج المدينة الى الأعداء كما اخترق سور المدينة بضعة آلاف من الجيش القاجاري ولكن تمكن الأكراد وبعد صراع مرير من إنتزاع الأبراج منهم ثانية وفي هذه اللحظة خانه قائد آخر وفتح باب السور على مصراعيه للعدو فتدفق منه عساكر القاجار بقوة الى المدينة وضيقوا الخناق على جيش لطوف خان إلا أنه تمكن من الخروج مرة أخرى من المدينة(كرمان) ووصل الى ترمانشير بسلام وبدخوله مدينة كرمان عمد محمد آقاخان الى إباحتها لجنوده ثلاثة أيام بلياليها حيث داس القاجاريون على كل شيء وانتهكوا أعراض الناس بشكل لم يسمع بها أحد وارتكبوا فظائع يندى لها جبين الإنسانية خجلاً أما لطوف خان فقد استقر في ترمانشير وفي أحد الأيام قال له قواد جيشه إن حاكم ترمانشير يتربص بنا وينوي قتلنا جميعاً غدراً وسيأخذنا يوماً ماعلى حين غرة ولكن لم يصغ إليهم لطوف خان فنام قرير العين مرتاح البال وفي إحدى الليالي السوداء وجد الشاه الكردي نفسه مطوقاً من قبل مجموعة من الرجال المسلحين فاستل سيفه وحاربهم بمنتهى الجرأة والإقدام وقتل منهم خلق كثير ثم امتطى جواده محاولاً النجاة بنفسه ولكن تمكن أحدهم من قتل جواده وجرحه آخرون في موضعين من جسمه وأخذوه فيما بعد الى آقا محمد خان وقد عمد هذا السفاح الى فقأ عينيه حيث انشب فيهما أظافره ثم قتلوه عام 1794 وهنا ينسدل ستار أسود على الدولة الكردية الزندية وانتهى دورها على مسرح التاريخ وكانت نهاية القصة كما انتهت حياة لطوف خان الكردي بشكل درامي وعنيف بعد أن قضى خمساً وعشرين عاماً مابين حكم ومعركة وانتصار وتشريد إن ماذكرناها من أحداث ترقى الى مستوى حوار يصلح لعمل فيلم سينمائي وهي بذاتها حوار ممتع وشيق ومأساوي بنفس الوقت.