مقتل حسن شاه :
في أحد الأيام خرج الملك من فارقين متوجهاً الى آمد (دياربكر) وكان يصحبه وزيره (شروه بن مم ) وكان الوزير الغدار يطمح للوصول الى الحكم وما فتيء يحبك المؤامرات لقتل سيده آملاً في أن يخلفه في الحكم وفي سنة 387هجري نصب الملك الكردي خيامه خارج المدينة فاستقبله زعماؤها ووجهاؤها وجلبوا له الهدايا وكان من جملة من استقبله شخص يدعى(عبدالبر) وينتمي الى أحدى العائلات الكبيرة في المدينة فأكرمه الملك وأجلسه بجانبه باذلاً له العطاء وقضى معه سهرة ممتعة وودية ولكن الوزير غير المؤتمن وجد فيه ضالته فتقدم من عبدالبر وقال له لقد رأيتم وسمعتم ماذا فعل هذا الملك السفاح بأهل فارقين وأنتم لستم بأقوى منا وبدون شك إذا دخل الملك المدينة فإنه سيفعل بكم مثلما فعل بأهل فارقين وأكثر .وبقليل من التردد اتفقا على قتل حسن شاه وحلفا لبعضهما وبذلا العهود والمواثيق وعندما عاد عبدالبر الى المدينة جمع زعماؤها ووجاؤها وحاكوا جميعاً مؤامرة لقتل الملك وأبقوها طي الكتمان وعندما دخل حسن شاه باب المدينة نثر عبدالبر على رأسه الدراهم فخفض الملك راسه وأغمض عينيه فانهال عليه شخص يدعى(ابن دمنة) من الخلف طعناً بالخناجر وقتله ثم رموا بجثته الى جنوده من فوق سور المدينة وأغلقوا أبوابها واستعدوا للحرب ولكن الوزير الخائن جمع جنوده وعاد بهم الى فارقين وخرجت مدينة آمد لفترة من الوقت من أيدي آل مروان وقد دام حكم حسن شاه سبع سنوات بعد أن ترك للشعب الكردي تراثاً وذكراً ومقاماً عالياً ولبلاده التقدير والاحترام وشهرة وصيتاً لامعتين .
ممهد الدولة سعيد شاه بن مروان بن كسرى:
عندما قتل حسن شاه غدراً في مدينة آمد خلفه أخوه ممهد الدولة سعيد شاه ولبس التاج وسلم الوزارة مرة أخرى ل مم وابنه شروه ودفن جسد ورأس حسن شاه في المقبرة المروانية في مدينة أرزن حيث بنيت عليه قبة كانت تقع في شمال الجسر وتشرف على الجامع وكانت ظاهرة للعيان حتى القرنين السادس والسابع الهجريين .وقد نقل مروان وزوجته بيتهما الى أرزن واستقروا قرب قبر ولدهما. خلف حسن شاه ولداً يدعى(الفضل) الذي اشتهر بأبي دلف فزوجه نصرالدولة ابنته وخلف أبو دلف بنتاً تدعى(فاطمة) فتزوجها ابراهيم بن نصرالدولة وكانت أم ابراهيم هي ابنة سنحاريب زعيم أرامنة صاصون.وفي عام 387هجري أصبح سعيد شاه ملكاً على فارقين وآمد وبذلك حل محل أخيه في الحكم وفي سنة 388هجري طلب يد(ست الشام) ابنة سعد الدولة شريف بن سيف الدولة علي حاكم حلب وكما مر معنا فقد كانت هذه الفتاة مخطوبة لحسن شاه الذي قتل بيد وزيره ولم يتزوجها فتزوجها سعيد شاه وأسكنها مدينة فارقين وترك لوزيره شروه أمور البلاد والعباد.
وكانت البلاد تعيش حالة ازدهار ورخاء تحت حكم المروانيين الأكراد وخاصة تحت حكم سعيد شاه حيث كانت كردستان (آمد-فارقين) تخطو خطوات متسارعة نحو التقدم في ميادين البناء والزراعة والمعيشة عاشت البلاد حياة كلها مساواة وتعاون ومحبة وبنيت فيها القصور الجميلة وازداد الغنى وعم الرخاء والرفاهية القرويين والفلاحين والناس جميعاً.
وفي سنة 390هجري هاجم (باسيل) ملك الروم بقوات كبيرة مدينة آمد وفارقين ولكن تصالح الملكان وعاد سعيد شاه الى بلاده كردستان مرفوع الرأس عزيز الجانب وكانت تأتيه الهدايا من الخليفة العباسي ومن بهاء الدولة حاكم بغداد ومن ملك مصر .وفي سنة 396هجري أعاد ترميم الكثير من أجزاء سور مدينة فارقين وقد نقش اسمه على خمس وعشرين موضعاً من الطرف الخارجي للسور وعلى ثلاثين موضعاً من الواجهة الداخلية وعندما تهدم باب السور بناه من جديد وبنى باب (القلوفه). وكذلك البرج الذي يقع في الباب الأوسط بني على يديه .
آمد بعد مقتل حسن شاه :
بعد مقتل حسن شاه دخلت منطقة آمد كلها تحت سيطرة عبدالبر وصهره أبو طاهر بن دمنة الذي أصبح حاكماً على البلاد وقائداً للجيش وانتشر اسمه وشهرته في كل انحاء البلاد واشترى مدينة آمد كإمارة تحت حكمه على يد الوزير شروة من سعيد شاه ب ميئتي الف درهم وبقيت فقط النقود والخطبة باسم الملك سعيد ومالبث أن بدأت رائحة الحكم تزكم انفه فقتل حماه وقطع رأسه وقام بعرضه على وجهاء المدينة وقال لهم.أنتم تعرفون كم أنا حريص على نفسي وأنا أحرص عليكم أيضاً مثلما أحرص على نفسي ولا أريد لكم إلا الخير ولا أريد أن يغشيكم حتى دخان السجاير وكان حمايي هذا يريد ادخال آمد تحت سيطرة الملك المرواني ويجعلنا جميعاً عرضة للقتل ومن منكم يريدني فليرفع يده ومن لم يرض بحكمي فليخرج الساعة من بلدي ولكن عندما شاهدوا راس عبدالبر قالوا نحن نعاهدك على الولاء والطاعة ورفعوا أياديهم بالموافقة على حكمه ثم عمد الى فتح خزائن حماه وأخذ لنفسه المال والثياب النظيفة ووزع بعضها على اصدقائه وحلفائه وبذلك كسب ودهم وأنعم على سكان المدينة وأغدق عليهم العطاءات وبهذا الشكل تعاطف معه الصغار والكبار وكسب ولاءهم له فعلا شأنه في قلوب الناس وأحبوه ثم أرسل الى شروه وحصل منه بموجب المعاهدة المعقودة بين الملك وحماه عبدالبر على المدن التي كانت من حصة هذا الأخير وألزم نفسه بدفع ميئتي ألف درهم سنوياً للملك سعيد شاه وكما أسلفنا ألقيت الخطبة ونقشت النقود باسم الملك وبنى طاهر بن دمنة لنفسه قصراً شمال المدينة في مكان يشرف على نهر دجلة وحفر نفقاً تحت الأرض أوصله بالمياه التي جرها الى قصره وكتب رسائل الى معاصريه من الملوك والأمراء كما أرسل الهدايا الى ملوك بغداد ومصر وكانت له علاقات مع ملك الروم وأصبح في عداد الملك وأغدقت عليه الهدايا وقصده الناس من جميع الأنحاء وأصبح بيته ملجأ الفارين والمستجيرين ومدحه الشعراء والمغنون ومنهم الشاعر (التهامي) بقصائد رائعة وعندما كان يركب في موكب يرافقه سبعون جملاً محملاً بالأطايب وكل أنواع الزينة والجمال وأضاف الى سور مدينة آمد علو قامة وهو ظاهر للعيان حتى اليوم وبقي طاهر بن دمنة يحكم بهذا الشكل مدة ثمان وعشرون عاماً وفي عهد نصرالدولة أحمد شاه توترت العلاقات بين ابن دمنة وصهره (مرنج) فذهب مرنج هذا خفية الى الوزير القدير أبو قاسم الأصفهاني وكان يلقب (بالخوجة) وقال له إن يعطيني الملك الأمان فساقتل ابن دمنة واخضع آمد لحكمكم وأريد مقابل ذلك المحافظة على حياة أهالي وأقربائي وأن يكونوا أعزاء مكرمين لديكم كما تحافظون على حياتي عزيزاً مكرماً واتفقا على هذا الأساس فذهب مرنج وقتل ابن دمنة ولكن تمكن حاجب ابن دمنة ويدعى(قرواش) من قتل القائد مرنج وجاء الى الوزير بجواهر وذهب ابن دمنة وقال أنا وحدي أعرف أين تخبأ أمواله وخزائنه وعندما وصل الجيش الكردي الى باب المدينة وجد أولاد مرنج قد أغلقوا المدينة وحضوا أسوارها واستعدوا للحرب فقال لهم الملك والخوجه مثلما أعطينا والدكم العهد والأمان فلكم مثلهما أيضاً وإذا سلمتمونا المدينة فلا يشملكم السلب والنهب والقتل فرد أولاد مرنج قائلين إنا نقبل تسليم المدينة لكم إذا سلمتمونا الحاجب الذي قتل أبانا وهنا كانت الغلبة للخوجة على الملك حيث قال نحن لانريد أن نفرط بهؤلاء من أجل شخص قتل أباهم بيده فولفق الملك على تسليم قرواش الحاجب لأبناء مرنج الذين بادروا الى قتله ثم فتحوا أبواب المدينة أمام أحمد شاه وجيشه الذي انتشر فيها.هذا وكلما كان سعيد شاه يعلي ذكره وقدره كان الوزير شروه أيضاً يعلى مقامه وكل يوم بمضي تزداد فيه شهية هذا الوزير الى الحكم ويرنو ببصره عالياً نحو التاج والعرش وبمساعدة قائد الجندرمة (ابن فيلوس) تمكن من تدبير مؤامرة لقتل سعيد شاه وسعى الإثنان الى الدس والمكيدة ونصب الفخاخ للملك وانتظرا الفرصة السانحة لتحقيق مآربهما وقد لجأ الوزير الغدار الى دس السم عدة مرات في طعامه ولكنه لم يمت فأعدا خطة أخرى لقتله فكان الشاه سعيد يزور في كل سنة قلعة هتاخ وفي احدى زياراته استطاع القائد الخائن أن يسمم طعامه فبقي شهراً عند الوزير شروه يقضي فترة نقاهة واستجمام وكانت هذه القلعة عالية تشرف على مروج خضراء مكتظة بالورود والرياحين وبحيرات ماء صافية وحدائق غناء تخلب الألباب وتبهر الأبصار وتبعث في النفس النشوة والراحة وكان الملك والقائد والوزير يقضون أياماً جميلة هناك ويقوم ابن فيلوس بخدمتهما بنفسه وتلبية طلباتهما وفي أحدى الليالي جلس الثلاثة مع آخرون من حاشية الملك يسهرون فوضع الوزير شروه عساكره على أبواب القلعة وأمرهم بمنع دخول أحد إليهم ثم بدأوا بالشراب حتى الثمالة وكان كلما ثمل أحد من أقارب الملك أخذوه الى السجن ويقولون هذه أوامر الملك سعيد شاه وعندما شرب سعيد شاه الكأس الأخيرة على شرف الوزير نهض الى مخدعه لينام فجرد ابن فيلوس سيفه ودخل غرفة نوم الملك ليقتله ولكن استيقظ سعيد شاه بسرعة وصاح به ياولد ماذا تفعل في غرفة نومي فرد عليه قائد الجندرمة قائلاً لأطمئن عليك يامولاي ولكن الشاه انتزع منه سيفه وألقاه أرضاً تحت قدميه ونادى على شروه وعندما دخل هذا الناكر للجميل هجم على الملك بسيفه وقتله ثم قبض المتآمران على (موشرف) حاجب ومستشار الملك وأخذاه معهما الى فارقين وقد فتح الحراس باب المدينة على صوت الموشرف ودخل عساكر شروه المدينة وبايعه أهلها خوفاً على أنفسهم من البطش والقتل وارتضوا بحكمه واصبح المال والسلاح والألبسة في يد الوزير الغدار شروه ونودي بنفسه ملكاً ولبس التاج على العرش .
في أحد الأيام خرج الملك من فارقين متوجهاً الى آمد (دياربكر) وكان يصحبه وزيره (شروه بن مم ) وكان الوزير الغدار يطمح للوصول الى الحكم وما فتيء يحبك المؤامرات لقتل سيده آملاً في أن يخلفه في الحكم وفي سنة 387هجري نصب الملك الكردي خيامه خارج المدينة فاستقبله زعماؤها ووجهاؤها وجلبوا له الهدايا وكان من جملة من استقبله شخص يدعى(عبدالبر) وينتمي الى أحدى العائلات الكبيرة في المدينة فأكرمه الملك وأجلسه بجانبه باذلاً له العطاء وقضى معه سهرة ممتعة وودية ولكن الوزير غير المؤتمن وجد فيه ضالته فتقدم من عبدالبر وقال له لقد رأيتم وسمعتم ماذا فعل هذا الملك السفاح بأهل فارقين وأنتم لستم بأقوى منا وبدون شك إذا دخل الملك المدينة فإنه سيفعل بكم مثلما فعل بأهل فارقين وأكثر .وبقليل من التردد اتفقا على قتل حسن شاه وحلفا لبعضهما وبذلا العهود والمواثيق وعندما عاد عبدالبر الى المدينة جمع زعماؤها ووجاؤها وحاكوا جميعاً مؤامرة لقتل الملك وأبقوها طي الكتمان وعندما دخل حسن شاه باب المدينة نثر عبدالبر على رأسه الدراهم فخفض الملك راسه وأغمض عينيه فانهال عليه شخص يدعى(ابن دمنة) من الخلف طعناً بالخناجر وقتله ثم رموا بجثته الى جنوده من فوق سور المدينة وأغلقوا أبوابها واستعدوا للحرب ولكن الوزير الخائن جمع جنوده وعاد بهم الى فارقين وخرجت مدينة آمد لفترة من الوقت من أيدي آل مروان وقد دام حكم حسن شاه سبع سنوات بعد أن ترك للشعب الكردي تراثاً وذكراً ومقاماً عالياً ولبلاده التقدير والاحترام وشهرة وصيتاً لامعتين .
ممهد الدولة سعيد شاه بن مروان بن كسرى:
عندما قتل حسن شاه غدراً في مدينة آمد خلفه أخوه ممهد الدولة سعيد شاه ولبس التاج وسلم الوزارة مرة أخرى ل مم وابنه شروه ودفن جسد ورأس حسن شاه في المقبرة المروانية في مدينة أرزن حيث بنيت عليه قبة كانت تقع في شمال الجسر وتشرف على الجامع وكانت ظاهرة للعيان حتى القرنين السادس والسابع الهجريين .وقد نقل مروان وزوجته بيتهما الى أرزن واستقروا قرب قبر ولدهما. خلف حسن شاه ولداً يدعى(الفضل) الذي اشتهر بأبي دلف فزوجه نصرالدولة ابنته وخلف أبو دلف بنتاً تدعى(فاطمة) فتزوجها ابراهيم بن نصرالدولة وكانت أم ابراهيم هي ابنة سنحاريب زعيم أرامنة صاصون.وفي عام 387هجري أصبح سعيد شاه ملكاً على فارقين وآمد وبذلك حل محل أخيه في الحكم وفي سنة 388هجري طلب يد(ست الشام) ابنة سعد الدولة شريف بن سيف الدولة علي حاكم حلب وكما مر معنا فقد كانت هذه الفتاة مخطوبة لحسن شاه الذي قتل بيد وزيره ولم يتزوجها فتزوجها سعيد شاه وأسكنها مدينة فارقين وترك لوزيره شروه أمور البلاد والعباد.
وكانت البلاد تعيش حالة ازدهار ورخاء تحت حكم المروانيين الأكراد وخاصة تحت حكم سعيد شاه حيث كانت كردستان (آمد-فارقين) تخطو خطوات متسارعة نحو التقدم في ميادين البناء والزراعة والمعيشة عاشت البلاد حياة كلها مساواة وتعاون ومحبة وبنيت فيها القصور الجميلة وازداد الغنى وعم الرخاء والرفاهية القرويين والفلاحين والناس جميعاً.
وفي سنة 390هجري هاجم (باسيل) ملك الروم بقوات كبيرة مدينة آمد وفارقين ولكن تصالح الملكان وعاد سعيد شاه الى بلاده كردستان مرفوع الرأس عزيز الجانب وكانت تأتيه الهدايا من الخليفة العباسي ومن بهاء الدولة حاكم بغداد ومن ملك مصر .وفي سنة 396هجري أعاد ترميم الكثير من أجزاء سور مدينة فارقين وقد نقش اسمه على خمس وعشرين موضعاً من الطرف الخارجي للسور وعلى ثلاثين موضعاً من الواجهة الداخلية وعندما تهدم باب السور بناه من جديد وبنى باب (القلوفه). وكذلك البرج الذي يقع في الباب الأوسط بني على يديه .
آمد بعد مقتل حسن شاه :
بعد مقتل حسن شاه دخلت منطقة آمد كلها تحت سيطرة عبدالبر وصهره أبو طاهر بن دمنة الذي أصبح حاكماً على البلاد وقائداً للجيش وانتشر اسمه وشهرته في كل انحاء البلاد واشترى مدينة آمد كإمارة تحت حكمه على يد الوزير شروة من سعيد شاه ب ميئتي الف درهم وبقيت فقط النقود والخطبة باسم الملك سعيد ومالبث أن بدأت رائحة الحكم تزكم انفه فقتل حماه وقطع رأسه وقام بعرضه على وجهاء المدينة وقال لهم.أنتم تعرفون كم أنا حريص على نفسي وأنا أحرص عليكم أيضاً مثلما أحرص على نفسي ولا أريد لكم إلا الخير ولا أريد أن يغشيكم حتى دخان السجاير وكان حمايي هذا يريد ادخال آمد تحت سيطرة الملك المرواني ويجعلنا جميعاً عرضة للقتل ومن منكم يريدني فليرفع يده ومن لم يرض بحكمي فليخرج الساعة من بلدي ولكن عندما شاهدوا راس عبدالبر قالوا نحن نعاهدك على الولاء والطاعة ورفعوا أياديهم بالموافقة على حكمه ثم عمد الى فتح خزائن حماه وأخذ لنفسه المال والثياب النظيفة ووزع بعضها على اصدقائه وحلفائه وبذلك كسب ودهم وأنعم على سكان المدينة وأغدق عليهم العطاءات وبهذا الشكل تعاطف معه الصغار والكبار وكسب ولاءهم له فعلا شأنه في قلوب الناس وأحبوه ثم أرسل الى شروه وحصل منه بموجب المعاهدة المعقودة بين الملك وحماه عبدالبر على المدن التي كانت من حصة هذا الأخير وألزم نفسه بدفع ميئتي ألف درهم سنوياً للملك سعيد شاه وكما أسلفنا ألقيت الخطبة ونقشت النقود باسم الملك وبنى طاهر بن دمنة لنفسه قصراً شمال المدينة في مكان يشرف على نهر دجلة وحفر نفقاً تحت الأرض أوصله بالمياه التي جرها الى قصره وكتب رسائل الى معاصريه من الملوك والأمراء كما أرسل الهدايا الى ملوك بغداد ومصر وكانت له علاقات مع ملك الروم وأصبح في عداد الملك وأغدقت عليه الهدايا وقصده الناس من جميع الأنحاء وأصبح بيته ملجأ الفارين والمستجيرين ومدحه الشعراء والمغنون ومنهم الشاعر (التهامي) بقصائد رائعة وعندما كان يركب في موكب يرافقه سبعون جملاً محملاً بالأطايب وكل أنواع الزينة والجمال وأضاف الى سور مدينة آمد علو قامة وهو ظاهر للعيان حتى اليوم وبقي طاهر بن دمنة يحكم بهذا الشكل مدة ثمان وعشرون عاماً وفي عهد نصرالدولة أحمد شاه توترت العلاقات بين ابن دمنة وصهره (مرنج) فذهب مرنج هذا خفية الى الوزير القدير أبو قاسم الأصفهاني وكان يلقب (بالخوجة) وقال له إن يعطيني الملك الأمان فساقتل ابن دمنة واخضع آمد لحكمكم وأريد مقابل ذلك المحافظة على حياة أهالي وأقربائي وأن يكونوا أعزاء مكرمين لديكم كما تحافظون على حياتي عزيزاً مكرماً واتفقا على هذا الأساس فذهب مرنج وقتل ابن دمنة ولكن تمكن حاجب ابن دمنة ويدعى(قرواش) من قتل القائد مرنج وجاء الى الوزير بجواهر وذهب ابن دمنة وقال أنا وحدي أعرف أين تخبأ أمواله وخزائنه وعندما وصل الجيش الكردي الى باب المدينة وجد أولاد مرنج قد أغلقوا المدينة وحضوا أسوارها واستعدوا للحرب فقال لهم الملك والخوجه مثلما أعطينا والدكم العهد والأمان فلكم مثلهما أيضاً وإذا سلمتمونا المدينة فلا يشملكم السلب والنهب والقتل فرد أولاد مرنج قائلين إنا نقبل تسليم المدينة لكم إذا سلمتمونا الحاجب الذي قتل أبانا وهنا كانت الغلبة للخوجة على الملك حيث قال نحن لانريد أن نفرط بهؤلاء من أجل شخص قتل أباهم بيده فولفق الملك على تسليم قرواش الحاجب لأبناء مرنج الذين بادروا الى قتله ثم فتحوا أبواب المدينة أمام أحمد شاه وجيشه الذي انتشر فيها.هذا وكلما كان سعيد شاه يعلي ذكره وقدره كان الوزير شروه أيضاً يعلى مقامه وكل يوم بمضي تزداد فيه شهية هذا الوزير الى الحكم ويرنو ببصره عالياً نحو التاج والعرش وبمساعدة قائد الجندرمة (ابن فيلوس) تمكن من تدبير مؤامرة لقتل سعيد شاه وسعى الإثنان الى الدس والمكيدة ونصب الفخاخ للملك وانتظرا الفرصة السانحة لتحقيق مآربهما وقد لجأ الوزير الغدار الى دس السم عدة مرات في طعامه ولكنه لم يمت فأعدا خطة أخرى لقتله فكان الشاه سعيد يزور في كل سنة قلعة هتاخ وفي احدى زياراته استطاع القائد الخائن أن يسمم طعامه فبقي شهراً عند الوزير شروه يقضي فترة نقاهة واستجمام وكانت هذه القلعة عالية تشرف على مروج خضراء مكتظة بالورود والرياحين وبحيرات ماء صافية وحدائق غناء تخلب الألباب وتبهر الأبصار وتبعث في النفس النشوة والراحة وكان الملك والقائد والوزير يقضون أياماً جميلة هناك ويقوم ابن فيلوس بخدمتهما بنفسه وتلبية طلباتهما وفي أحدى الليالي جلس الثلاثة مع آخرون من حاشية الملك يسهرون فوضع الوزير شروه عساكره على أبواب القلعة وأمرهم بمنع دخول أحد إليهم ثم بدأوا بالشراب حتى الثمالة وكان كلما ثمل أحد من أقارب الملك أخذوه الى السجن ويقولون هذه أوامر الملك سعيد شاه وعندما شرب سعيد شاه الكأس الأخيرة على شرف الوزير نهض الى مخدعه لينام فجرد ابن فيلوس سيفه ودخل غرفة نوم الملك ليقتله ولكن استيقظ سعيد شاه بسرعة وصاح به ياولد ماذا تفعل في غرفة نومي فرد عليه قائد الجندرمة قائلاً لأطمئن عليك يامولاي ولكن الشاه انتزع منه سيفه وألقاه أرضاً تحت قدميه ونادى على شروه وعندما دخل هذا الناكر للجميل هجم على الملك بسيفه وقتله ثم قبض المتآمران على (موشرف) حاجب ومستشار الملك وأخذاه معهما الى فارقين وقد فتح الحراس باب المدينة على صوت الموشرف ودخل عساكر شروه المدينة وبايعه أهلها خوفاً على أنفسهم من البطش والقتل وارتضوا بحكمه واصبح المال والسلاح والألبسة في يد الوزير الغدار شروه ونودي بنفسه ملكاً ولبس التاج على العرش .